
عبدالله المزروع A. Almazroa
@Arabian_Wisdom
(1/80) 🏮مجموعة ميلنر والجمعية الفابية.. من يظن العالم هو كما يبدو فهو واهم.. هذه وقفات تاريخية مختصرة تركز على القرن العشرين والتنظيمات والأشخاص والأحداث التي شكلت ما يسمى: "النظام العالمي الليبرالي" أو "النظام العالمي القائم على القواعد" أو "النظام العالمي الجديد"
(2/80) -منذ أفلاطون ومدينته الفاضلة وفكرة العولمة والحكومة العالمية الواحدة تدور في الفلك الفلسفي الغربي، مرورا بالألماني كانط في القرن الثامن عشر ونادي اليعاقبة ثم ماركس في القرن التاسع عشر. -من الجذري في هذا المبحث أن ندرك أن الثورات الأوروبية ضد الملكية والكنيسة في القرن..
(3/80) ..التاسع عشر كان محركها الأساسي هي طبقة التجار، من أجل حكم ديمقراطي ليبرالي رأس مالي، وإن كانت غايتهم الحقيقية هي كسر ظهر الملكيات التي بقيت حائلاً بينهم وبين تمكنهم من استحكام قبضتهم الاحتكارية على ثروات الشعوب ومصائرها. ولم يكن حرصهم على فرض النظام الديمقراطي إلا لكونه..
(4/80) أكثر النظم السياسية رهينة للتلاعب من ذوي المال والنفوذ. -علماً أن المنصفين يقرون بأن المَلكيات كانت تمثل أصدق تعبير عن الديمقراطية لأنها الأقرب إلى حكم الشعب بالشعب حيث يكون الحكم لأسرة من ذلك الشعب نفسه. -ومن الجدير بالإشارة أيضا أن ماركس لم يكن معارضا لوجود النظم..
(5/80) الرأسمالية، على خلاف ما يتصور البعض، بل كان يرى وجودها ضرورة مرحلية من شأنها الانتقال الحتمي إلى الاشتراكية، وفقا لنظرية المادية الجدلية، ثم التحول الحتمي للشيوعية والزوال التام للطبقيات. -ورأى ماركس حتمية حدوث الثورات العنيفة ضد الأنظمة الرأسمالية وسمى ذلك العنف..
(6/80) .."الإرهاب الأحمر" Red Terror، تجسيدا للمادية الجدلية بين طبقتي العمال والملاك، ونتيجة لإيمانه بالداروينية الاجتماعية فقد رأى أن تلك الثورات تعد من قبيل النشوء والتطور وبالتالي هي حتمية علمية، ولذا سماها الاشتراكية العلمية Scientific Socialism، رغم أنها لم تكن غير تنبؤات..
(7/80) لم تتحقق، وهنا ننتبه إلى أن مصطلح "العلم" Science في المنظور الماركسي لا يعني المعرفة الخاضعة للملاحظة والتجربة أو نحو ذلك، بل يعني كل ما وافق إملاءاتهم الأيديولوجية، ولذلك هو غير قابل للمساءلة أو النقد، وهذه هي حقيقة العلموية Scientism. (وفي هذا السياق مثلا، يقول أمثال..
(8/80) الدكتور فاوتشي عن نفسه: "أنا العلم"). -لكن الواقع أن الزوال التام للطبقية سوف يكون على الجماهير وحدهم، مع بقاء نخب خاصة تتولى الإدارة والتنسيق، وفقاً لتنظيرهم. -ووفقاً لهذا المنظور لن يكون الماركسيون وحدهم من يطمع في تحويل الجماهير إلى نسخ من بعضها هاملة وعائلة عليهم..
(9/80) ومطواعة لإملاءات "النخب الإدارية" Managerial Elites، بل إن أرباب الرأسمالية الاحتكارية سوف ينافسون الماركسيين على هذا التموضع المهيمن، وهذا ما يفسر أحداثا مفصلية جرت وتجري. -كما يعرف الجميع فإن نبوءات ماركس "العلمية" بشأن الثورات العالمية لم تتحقق، الأمر الذي استدعى..
(10/80) من الماركسيين إعادة فحص النظرية وإجراء تعديلات وإصلاحات لها، وقد سبق أن أفردتُ سلاسل Threads عن غرامتشي وفلاسفة مدرسة فرانكفورت الذين غيروا الجدلية من كونها بين طبقة الملاك وطبقة العمال لتكون جدلية ثقافية بين الفئات الاجتماعية (وفقا للعرق ولون البشرة والميل الجنسي ودرجة
(11/80) الإعاقة.. إلى آخره). -ولكن كان هنالك حراك ماركسي تصحيحي أخطر من ذلك بكثير، وقد تكون أقوى الحركات تأثيرا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا في العالم. وقد تبلورت في نهايات القرن التاسع عشر في إنجلترا، وذلك على مسارين متوازيين متخادمين. -المسار الأول: بدأ على يد تاجر
(12/80) ماسوني بريطاني اسمه اللورد سيسيل رودز Cecil Rhodes في نهايات القرن التاسع عشر، وكان من تجار مناجم الماس في جنوب أفريقيا تحت مظلة شركته شركة جنوب أفريقيا البريطانية، التي أسسها على نموذج شركة الهند الشرقية (كخادمة للإمبراطورية وماكنة غسل أموال)، كان مندوبا عن
(13/80) الامبراطورية في حكم مناطق من أفريقيا منها زامبيا وزمبابوي اللتين سماهما على اسمه "روديشيا"، ونهب أراضي ومقدرات شعوبها. وكانت تدور حوله شبهات شذوذ وبيدوفيليا، وكان مهتما بجمعية البحوث الروحانية Society for Psychical Research، (عالم السحر والشياطين)، وفقاً لكاتب سيرته
(14/80) روبرت روتبيرج. -وكان من المهووسين بتمدد الإمبراطورية البريطانية وإعادة الولايات المتحدة الأمريكية تحت مظلة الكومنولث البريطاني. -كما شاركه ذلك التوجه اللورد آلفريد ميلنر (السكرتير الخاص لبنك إنجلترا) واللورد روبرت سيسيل وآرنولد توينبي واللورد جورج كورزون (نائب
(15/80) الإمبراطورية على الهند)، ومفكرون آخرون أكثرهم من جامعة أوكسفورد، وكثير منهم كانوا قيادات بمحافل ماسونية، وكانوا مدعومين من قبل اللورد ناثان روثتشايلد، بل الواقع أنهم كانوا أقرب إلى كونهم واجهة لروثتشايلد (ما بشبه دور كلاوس شواب اليوم)، وقد تولى معهم قيادة مجموعة خاصة
(16/80) تتبنى شكلا من أشكال الاشتراكية بمسمى الامبريالية الليبرالية Liberal Imperium، والنظام العالمي اللبرالي Liberal World Order، تحت شعار الحرية والمساواة والإخاء، وذلك باستراتيجية براغماتية إذ يرون البراغماتية إرثا إنجليزيا أمريكيا. -كما شاركت ضمن مساعيهم طائفة اليسوعيين
(17/80) الكاثوليكية (الرهبنة اليسوعية) التي لها ميول اشتراكي وحضور تبشيري في ١١٢ دولة حول العالم. -تم إطلاق عدد من الأسماء على هذه المجموعة منها: جمعية سيسل رودز السرية، جمعية المنتخبين Society of the Elect، مجموعة ميلنر Milner Group، مجموعة الطاولة المستديرة Round Table Group،
(18/80) مجموعة تشاذام هاوس Chatham House Crowd. -وقد وجدوا تحالفات مبكرة من أوساط ثراء أمريكية مثل جون مورغان الذي ترأس لاحقا شركة جي بي مورغان، وتاجر سكك الحديد وليام فاندربيلت، و المصرفي جيمس روزفلت (عم الرئيس ثيودور روزفلت) ومصرف تشيس Chase Bank وغيرهم، وعلى غرار
(19/80) مجموعة ميلنر تشكلت في أمريكا مجموعة مورغان Morgan Group، وتمت تسمية المجموعة الأمريكية بـ "مؤسسة الميناء الشرقي الأنجلو أمريكية"، وكانوا يمثلون النخب المالية والأكاديمية على الساحل الأمريكي الشرقي. -خلال عشرينيات القرن العشرين سيطروا في وقت وجيز على الصحافة والمنافذ
(20/80) الإعلامية منها الواشنطن بوست، هيرالد تريبيون، كريسشيان مونيتار، سبيكتيتور، إيكونومست ، إلى آخره. -وكان المسمى العام للمجموعتين على جانبي المحيط الأطلنطي هو "المؤسسة الأنجلو أمريكية" The Anglo-American Establishment، ثم امتدت لهم تحالفات في فرنسا عن طريق مصارف روثتشايلد
(21/80) ومصارف لازارد، حتى رأى البعض أن التسمية الأدق هي "المؤسسة الأنجلو أمريكية الفرنسية". -وقد أجروا "تجارب ديمقراطية" على المستعمرات مثل كندا واستراليا ونيوزيلندا بحيث يبدو للشعوب حكمٌ ديمقراطي بينما السيطرة الفعلية هي لمؤسسة الظل المصرفية ومقرها لندن، وقد وظفوا نتائج تلك
(22/80) التجارب في مشاريعهم ومخططاتهم من أجل حكومة عالمية موحدة. -وفي مرحلة لاحقة تغير توجههم من استعادة أمريكا إلى الإمبراطورية البريطانية، إلى التغلغل داخل أمريكا من أجل إلغاء سياسة عدم التدخل التي وضعها "الآباء المؤسسون". -كان من رفاق سيسيل رودز في هذا التجمع اللورد آرثر
(23/80) بلفور Arthur Belfour، وكان عضوا معهم في المعهد الملكي للشؤون الدولية بل كان يشارك رودز اهتمامه بجمعية البحوث الروحانية، وبلفور هذا هو صاحب وعد بلفور (أو إعلان بلفور) رغم أن الذي حرر نص الإعلان في الواقع هو آلفريد ميلنر الذي تولى القيادة بعد موت سيسيل رودز. -عام ١٩٢٠
(24/80) أسسوا المعهد الملكي للشؤون الدولية (RIIA) في لندن، الذي اشتهر باسم تشاذام هاوس Chatham House، وعلى ذلك النموذج تم بعد عام وبالتنسيق مع حلفائهم وراء المحيط الأطلنطي تأسيس مجلس الشؤون الخارجية Council On Foreign Relations في نيويورك، الذي تطور ليصبح أكثر المنظمات
(25/80) الأمريكية نفوذا وتشكيلا للأحداث والتاريخ. -بحلول ١٩٣٨ سيطروا على القرار في المملكة المتحدة، وكان لهم الدور الأعمق في تنسيق الحربين العالميتين وفق تراتبيات تدفع بالحراك نحو حكومة عالمية واحدة تحت سيطرتهم. -اللورد روبرت سيسيل كان المصمم الرئيسي لعصبة الأمم، ومقابل ذلك…
(26/80) تم منحه جائزة نوبل عام ١٩٣٧، وبهذا ندرك كم هذه المؤسسات متداخلة ومترابطة من أجل غايات مشتركة. -ملياردير الحديد الأمريكي آندرو كارنيجي ، الذي تأثر بالاشتراكية الفابية كما سيأتي، أنشأ مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وتولى رئاستها إيليهو روت، الذي كان وزير الخارجية في عهد
(27/80) الرئيس ثيودور روزفلت، فتم توظيف إيليهو روت للتأثير على الرئيس الأمريكي الديمقراطي وودرو ويلسون وإقناعه والضغط عليه لإعلان التخلي عن سياسة أمريكا الانعزالية والانضمام لعصبة الأمم من أجل تأسيس حكومة عالمية، وقد نجحوا في إقناع الرئيس ويلسون إلا أن مساعيه اصطدمت بقلعة
(28/80) الكونجرس الأمريكي الذي رفض الانضمام لمنظمة رأى فيها بوادر عولمية مناقضة لمبدأ الوطنية وعدم التدخل الذي قامت عليه الولايات المتحدة. وبالمناسبة، تم منح إيليهو روت جائزة نوبل للسلام. -وبعد الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة وزيادة نفوذ هؤلاء داخل الولايات
(29/80) المتحدة نجحوا خلال رئاسة الديمقراطي روزفلت في انضمام أمريكا، بتأثير من نائبه الماركسي الباطني هنري والاس، وبالمناسبة هو الذي أقنع روزفلت بإضافة صورة العين الماسونية على الدولار. -وانضم إلى قافلة دعم حراك الحكومة العالمية عوائل ثرية مثل الإخوة لازارد وبنك لويد Loyds Bank
(30/80) وفي أمريكا جي بي مورغان J P Morgan وغيره كثير. -كان هذا المجتمع الخاص يروج على السطح لمبادئ اللبرالية والمساواة، رغم أنهم نشروا أيضا ما يكشف معتقداتهم الداروينية العنصرية المتطرفة التي تؤمن بأن الإنسان الغربي ممثلا في الإمبراطورية البريطانية هو سقف التطور العرقي
(31/80) البشري، الأمر الذي يوجب حكمهم للعالم وفرض حضارتهم عليه فرضا. -وبالمناسبة كلنا يعرف كتاب داروين "أصل الأنواع عن طريق الانتقاء الطبيعي" ولكن من يدري أن العنوان الأصلي تضمّن "بقاء الأعراق المفضلة في الصراع من أجل الحياة"، يقصد العرق الإنجليزي. -وقد اعتمدوا سياسة الاحتفاظ